ADS 1

الاعلام في زمن الجائحة ....


ماذا غير الوباء في الإعلام حتى الأن؟

 


أدى انتشار وباء كورونا إلى عودة الإعلام إلى الواجهة من جديد، وقد جند هذا الأخير كل طاقاته لتغطية هذا الحدث المفاجئ خاصة مع سقوط وسائل التواصل الاجتماعي في فخ الإشاعة. ويحاول هذا التحليل إبراز أهم جوانب التعاطي الإعلامي مع الحدث وانعكاساته المباشرة على الإعلام.  

تغيير جذري حدث في وسائل لإعلام سواء المسموعة أو المقروءة ودخلت مصطلحات جديدة مثل الوباء والحجر الصحي واللقاح في حقل وسائل الاعلام في الفترة الأخيرة. التغيير حدث أيضا على مستوى الصورة المتداولة حيث أضحت المدن الفارغة والمشافي زيادة على المختبرات والأطباء الصوة الأيقونية البارزة اليوم. ونكاد نجزم أن هاته التغطية الشاملة لم يقم بها الإعلام منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر حيث برزت مفاهيم جديدة "الإرهاب"، "الإرهاب العالمي" وغيرها من المفاهيم الذي غيرت وجه الإعلام الأمريكي حتى تهم بتجييش والتحريض.         

 

الإعلام والخطاب الرسمي ما بين التعتيم والحقيقة:

قامت مجلة "دير شبيكل الألمانية" بنشر صورة على غلاف مجلتها وتحيل الصورة لما يشبه ملصق مسلسل "شرينوبل" في إشارة ضمنية للتعتيم الذي تتهم به الصين، والذي بحسب مراقبين ساهم في تفشي الوباء.

 ومع تفشي الفيروس   قامت وسائل إعلام صينية ببث صور الأجواء الجيدة داخل المتشفيات ومقاطع للبناء السريع للمستشفيات الميدانية تطبيقا لتعليمات صارمة من الحزب الشيوعي الصيني بأن لا يتم نشر الأخبار السيئة.

 ومع بداية انحصار الفيروس أذاعت وسائل الإعلام الصينية صورة الرئيس الصيني وهو يجوب ويحيى سكان وهان بؤرة الوباء وهو ماعتبر دعاية سياسية قد لا تعكس الواقع، خاصة مع الاتهامات المباشرة التي وجهتها بيكين للولايات المتحدة بكون الجيش الأمريكي قد جلب الوباء للصين، وهو ما جرى قراءته على أنه استغلال سياسي للوباء في إطار حرب أيديولوجية وهو المنحى الذي سلكه الخطاب الرسمي الإيراني أيضا.


اتهامات طالت أيضا الشبكة المعروفة بميولتها اليمينية "فوكس نيوز" حيث اتهمت بتقليل من خطر الفيروس في البداية وبعث رسائل تطمينيه مغلوطة عكس ما قامت به داخل مقراتها من إجراءات احترازية.  


نفس النبرة استخدمها "دونالد ترامب" حيث قلل من شأن الوباء في البداية قبل أن يخضع لأمر الواقع ويعلن حالة الطوارئ. ويمكن تفسير هاته النبرة من الخطاب سواء السياسية أو الإعلامية على أنها تعبر عن التصور اليميني في مقارعة الأحداث الكبرى الذي يبخس الأمور ويقلل من شأنها قصد الظهور بمظهر المسيطر والمتحكم في الأمر وهو ما فشل فيه ترامب مع تفشي الوباء بنسبة كبيرة فأعلن حالة الطوارئ.


نبرة أخرى من الخطابات الصريحة والعاطفية تجسدت في خطابات بوريس جونسون وإيمانويل ماكرون وكذا الإعلام الفرنسي والبريطاني والأوروبي بشكل عام. فوزير الخارجية البريطاني صرح بعبارة صريحة "ربما قد نفقد أشخاص عزيزين علينا"، الرئيس الفرنسي ركز على عبارات التضامن والتعاون بين أطياف الشعب الفرنسي وشكر الأطقم الأمنية والطبية قبل أن يعلن على حزمة من الإجراءات الخاصة.

هاته أبرز تجليات تعاطي الإعلام الرسمي والخطابات الرسمية مع الفيروس المستجد والتي تراوحت ما بين التستر والتطمين والصراحة.  لكن ما الذي يشكله حدث كهذا بنسبة لإعلام؟

عودت نظرية المسؤولية الاجتماعية:

تعد نظرية المسؤولية الاجتماعية إحدى النظريات الكلاسيكية في الإعلام والتي تدخل ضمن ديونتولوجيا الإعلام والتي تعني خذمة الإعلام لصالح العام في إطار الواجب تجاه المجتمع. وقد أدت التبعية الاقتصادية الناتجة عن بروز الإشهار كممول رئيسي للمقولات الصحفية إلى التشكيك في المفهوم. لكن مع الخوف الذي خلفه الوباء تجندت وسائل الإعلام لشرح الفيروس الجديد واستضافت أطباء ومختصين وأوفدت الشبكات التلفزيونية مراسلين خاصين ما قد يؤكد أن الاعلام لم يفقد واجبه الاجتماعي الأخلاقي وهو ما يظهر عموما في الكوارث الطبيعية.

الشائعات تسحب البساط من وسائل التواصل الاجتماعي:

أدى انتشار وسائل التواصل الاجتماعي إلى مزاحمة الوسائل التقليدية رغم الشائعات الكثيرة التي تتناسل داخلها، ومع بداية تفشي الوباء دخلت هاته المنصات (تغريدات المدونين وما يسمى "صحافة المواطن"، "صحافة الشارع") في تخبط كبير خاصة مع طبيعة الوباء الغامضة مما أدى إلى انتشار سريع لشائعات الشيء الذي دفع عدد كبير من المستخدمين للعودة للمنصات التقليدية خاصة التلفاز من أجل معلومات أدق تتناسب وجدية الموضوع.


هذا المعطى اعطى تفوقا لإعلام التقليدي المسموع والمرئي على حساب صحافة التواصل الاجتماعي وإن كان يبث محتوياته على منصات التواصل أيضا لكنه لازال يحتفظ بطبيعته الخاصة.

 

عودت المعلومات إلى حضن الدولة:

مع الانفجار التكنولوجي وظهور وسائل الاتصال والتدفق الكبير للمعلومات، حيث لم تعد الدولة المحتكرة الوحيدة للمعلومة وهو ما انحسر نسبيا في ظل الوباء، ويلاحظ محاولة الدولة لاحتكار المعلومات خوفا من الشائعات وتخادها إجراءات صارمة ضد ترويجها فأضحت المصدر الأول للمعلومة ويقتصر دور الاعلام على تداولها وإضافة شهادات إنسانية، مما أطلق تخوفات من عودة نوع من الرقابة.

خلاصة:

يمكن القول إن الميديا والإعلام يعيد إنتاج نفسه من جديد في ظل الأحداث الكبرى ويكتسب مكانة أكبر مع ضخامة الحدث، فتناط إليه الأدوار "التقليدية" الذي ربما قد يضن البعض أنه فقدها مما يشكل دافعا كبيرله من أجل العودة بقوة وتغطية الحدث رغم الانتقادات جراء التهويل والتضخيم. وتبقى هاته الظرفية اختبار حقيقيا لإعلام لاستعادت أدواره.


Add Comment

ads 2
ads 3
ads 4